في ثقافة الأردنيين.. المرورية!

ثقافة الأردنيين المرورية لها طبيعة خاصة جدا.. بالنظر إلى أن الأردن يعد من أكثر الدول العربية معاناة من خسائر حوادث المرور، فهي علاقة يتداخل فيها الراكب مع السائق مع المار..

..في الأردن ثمة سلوكيات تحدد معالم هذه الثقافة "الضحلة" وتسهم في ازدياد خسائر الأردن سنويا من (القاتل رقم واحد).
"البكم"!
"البكم" بفتح الباء هو مرادف شعبي أردني باللهجة المحكية ل "البك اب" وهي المركبة الأكثر انتشارا في الريف والبادية الأردنيتين.. وبما أن المجتمع الأردني في الأصل مجتمع أقرب إلى الزراعي في التفكير، فقد درجت العادة عند الفلاحين على استعمال الوسيلة الأرخص والأكثر أمانا والتي تصلح لكافة الاستعمالات لهذا تم اختيار «البكم».

ويتدخل البكم في تشكيل السلوك الوطني.. فقد كان رفيقا للعائلة الأردنية منذ 40 عاما، رفيقا بمعنى الكلمة، وكل يعرف مكانه، المدام مثلا تجلس على اليمين والعائلة في الخلف .. وهناك ما يسمى «بالشادر» الذي يتم استعماله في حال وجود صبايا في العائلة من قبيل «الحشمة» أو رد العين، وفي حالة العائلة الذكورية ينزع الشادر.

.. يلفت انتباهي سلوك "المدام" فهي حين تجلس في (البكم) تصاب بنوع من "الجعصة" لهذا مثلا يتندر الفلاحون عليها بالقول (صبحه جاعصة)...
شوفير التاكسي!
لا شيء يغضب سائقي (التاكسي) في الأردن أكثر من جلوس الشاب أو الرجل إلى جانب زوجته و خطيبته أو ربما صديقته في المقعد الخلفي بدل الجلوس بجانب السائق نفسه!

كثير من هؤلاء يعتذرون عن "الطلبية" لهذا السبب، فالأمر بالنسبة لهم مسالة مبدأ وحياة أو موت.. على كل.. يوصف أبناء هذه الطبقة من الأردنيين اقصد سائقي السيارات العمومية بان"رؤؤسهم يابسة"؟..

والأمثلة كثيرة.. ففي عرف السائقين، خاصة سائقي باصات النقل العام يتراسل "الكونترول" أو " الكمسري" مع السائق بعبارات غريبة، مثل "روح يا مجروح" و"هاتلك هالبريزة".. والبريزة لمن لا يعرفها هي (العشرة قروش أردنية)، وهي الأجرة المعتمدة لأغلب خطوط النقل في الأردن!
عالرصيف!
المعروف والمتفق عليه في بلاد العالم جميعها هو أن الرصيف وجد للمشاة، لكن واقع الحال في الأردن يختلف تماما.. ربما جريا على قاعدة "خالف تعرف"، فالرصيف متاح هنا لأي شيء إلا المشاة.. والخلل هنا في المشاة أنفسهم بالطبع.. فهم يصرون على المشي في الشارع بدل الرصيف.. معهم حق.. وفعلهم مبرر تماما.. فثمة "عوج" في ثقافة الأردنيين المرورية؟

مثال ..."وبدل أن تتوقف السيارات على جنبات الطريق والشوارع ..ترتاح على الأرصفة التي طالتها أيضا بسطات الباعة المتجولين".

المثل الأهم على "العوج" عندما تفاجئ برب العائلة يتمشى على "الشارع" طبعا من جهة اليمين وأطفاله الصغار من جهة الشمال "الجهة التي تتسارع فيها خطى السيارات بجنون".. معه حق طبعا فهو رب العائلة و"معشي العيلة" باللهجة الأردنية المحكية وحياته أهم من حياة أبنائه!
ابحث عن المرأة!
أما عن العلاقة الفسيولوجية التي تربط المرأة في الأردن بحوادث السير فحدث ولا حرج، إذ تقول آخر إحصاءات السير في الأردن أن اغلب حوادث السير التي تحدث يكون للمرأة علاقة مباشرة فيها، سواء كانت تقود المركبة أو تعبر الشارع.. أو حتى لو كانت في بيتها !!!

فالنساء في الأردن بحسب الإحصائيات يصررن على عبور الشوارع مباشرة بدل استعمال جسور أو إنفاق المشاة... ثمة أيضا من يرى " عوجا" في ثقافة المرأة الأردنية المرورية.. فما يغيظ الرجال في الأردن هو الطريقة الغريبة في عبور النساء للشوارع.. مشية بطيئة.. دون الالتفات لا يمينا ولا يسارا.. وهدوء عجيب غريب!
بالأرقام!
200 مليون دينار "فاتورة" حوادث المرور في الأردن، هذا هو عنوان أحدث تقرير يلخص الوضع المأساوي في الأردن، فقد كشف التقرير الوطني لحوادث المرور الذي أعدته منظمة الصحة العالمية إن التكلفة الاقتصادية لحوادث المرور في الأردن بلغت 200 مليون دينار تشكل 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن مانسبته50% من الوفيات جراء الحوادث تتراوح أعمارهم بين 15-44 عام، و20% منهم أطفال.

المعلومة الأهم هي أن حادثا مروريا يقع خلال كل 7 دقائق ونصف في الأردن، وفي كل 11 ساعة يقضي فرد واحد حتفه نتيجة الحوادث.

وبعد.. هذه هي ثقافة الأردنيين المرورية.. وهذه هي نتيجة ثقافتهم!